نحن نصنع خوفنا بأنفسنا

منذ بداياتنا في الطفولة المبكرة حين كانت تروي لنا الجدة أو الكبار حدوته ما قبل النوم كي نهدأ وننام على وتيرة الكلمات المتناسقة ، وبعد أن تتعب أدمغتنا الصغيرة من تخيل الأشخاص المخيفة من أبو رجل مسلوخة والغولة والسلواعة وما إلى ذالك من ذاكرة التراث الشعبي في كل بلد ، ننام ولكن تبقى تخيلاتنا تعمل في نومنا ونصنع بأنفسنا الأشكال التي تخيفنا وكثيرا ما يستيقظ الأطفال من نوهم وهم يصرخون من أشكال لم يروها ولكنهم صنعوها بخيالاتهم الواسعة وراحوا يُركبون الأشكال ويعقدوها أكثر فأكثر حتى تكون هي الشخصية المخيفة لديهم.
لذا من بداية حياتنا صنعنا ما نخاف منه على الرغم إننا سمعنا فقط عن الغولة ولكننا لم نشاهدها ، ونحن صنعنا الشكل بأنفسنا كما تصورناها بعقلنا الصغير بالشكل الذي يجعلها مخيفة لدينا، وخفنا منها، وعند تقدم العمر بنا أصبح من الضروري الاعتماد على نفسنا ومواجهة المواقف الصعبة من الذهاب للحمام ليلاً بمفردنا ، وأصبحنا عندما ينقطع التيار الكهربائي ليلاً لا بد من الانتظار حتى تضاء الشمعة أو أي مصدر أخر ليضيء المكان دون أن نصرخ وإلا راح الكبار يستهزؤون منا ويتهمونا بالخوف والجبن وعندما نسير في طريق خالي من الناس والجو معتم ايضاً نفترض بأن هناك من سيخرج علينا ليهاجمنا ، ناهيك عن توقع العقاب حين نقوم بفعل ما هو حرام أو غلط والعقاب الذي ينتظرنا ،فمصيرنا إلى النار حدف وهذا يستوجب على عقل الطفل أن يتخيل كيف سيحدف إلي النار أو إلى الجنة حدف ( فهل ستكون هناك أرجوحة) تحملنا وتحدفنا إلى النار أو إلى الجنة، أشكال الخوف الذي يضعها الكبار في عقول هؤلاء الأطفال كثيرة والأطفال عليهم التوسع بخيالاتهم وتصوراتهم لهذه المخاوف وهي التي تبقى لدينا عندما نكبر ونجد أنفسنا نخاف من أشياء كثيرة لا يستوعبها العقل في الكبر ويجهل الأسباب التي دفعته إلى الخوف.
ولكن لي كلمة في أذن من عانى من هذه المخاوف أو غيرها، لو وضع نفسه في المحك وتوقف لحظة بعناد عندما يشعر بالخوف ماذا سيحدث؟ ويقف ويطيل الوقوف والانتظار لن يجد ما يخاف منه سوى أفكاره، وتصوراته التي صنعها بنفسه ولم يستطيع التخلص منها، عندها سيعلم انه كان حبيس لما صنعه بنفسه من صور وخيالات وهميه غير موجودة أثرت على مناحي عديدة من حياته وحرمته الكثير من الأوقات التي كان من المفترض أن تكون لحظات عادية وطبيعية ولا تستوجب منه كل هذا الخوف، ولكن أيضا يتحمل الكبار المسؤولية الأكبر عندما زرعوا في عقول الصغار هذه المخاوف دون علم بما ستفعل بهم في المستقبل.
سميرة احمد