الدار الآخره
( 16 )
==============
وقفنا فى الحلقه السابقه عند سؤال :
هل الموت كفاره للمسلم ؟
نعم ودليلنا على هذا الحديث الذى رواه انس بن مالك - رضى الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
( الموت كفاره لكل مسلم ) ذكره القاضى ابوبكر العربى فى سراج الريدين
وانما كان الموت كفاره لكل مسلم لما يلقاه فى مرضه وفى قبره نا الألم لقوله - صلى الله عليه وسلم - :
( مامن مسلم يصيبه أذى , من مرض فما سواه, إلا حط الله به سيئاته , كما تحط الشجره اليابسه ورقها ) رواه مسلم
قال القرطبى : وفى الموطأ عن ابى هريره عن الرسول - صلى الله عليه وسلم :
( من يرد به خيرا يصيب منه ) رواه مالك
وفى الخبر المأثور بقوله تعالى :
( انى لا اخرج احدا من الدنيا وانا اريد ان ارحمه حتى اوفيه بكل خطيئه عملها سقما فى جسده , ومصيبه فى اهله وولده , او ضيقا فى معاشه واقتارا فى رزقه , حتى ابلغ منه مثاقيل الذر , فإن بقى عليه شئ , شددت عليه الموت حتى يقضى الى كيوم ولدنه امه )
التذكره للقرطبى ص39 , 40
وعن عائشه - رضى الله عنها - سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن موت الفجأه قال :
( انها راحه للمؤمن , وأخذه أسف للكافر ) رواه الترمذى
ملك الموت
اعلم اخى الحبيب واختى الفاضله - رحمكم الله - ان مشاهدة ملك الموت - عليه السلام - حقيقه واقعه , ويدخل على القلب منه من الروع والفزع الشئ الكثير , ولا يستطيع احد ان يعبر عنه لعظم هوله وفظاعة رؤيته , ولا يعلم حقيقة ذلك الا الذى يتبدى له ويطلع عليه .
وقد ذكر عن بن عباس - رضى الله عنه - ان ابراهيم الخليل - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - سأل ملك الموت ان يريه كيف يقبض روح المؤمن فقال له :
( اصرف وجهك عنى , فصرف , ثم نظر اليه فرآه فى صورة شاب حسن الصوره , حسن الثياب , طيب الرائحه , حسن البشر , فقال له : والله لو لم يلق المؤمن من السرور شيئا سوى وجهك لكفاه .
ثم قال : ارنى كيف تقبض روح الكافر ؟
فقال لا تطيق ذلك !
قال : بل ارنى
قال : اصرف وجهك عنى , فصرف وجهه عنه , ثم نظر اليه فإذا صورة انسان اسود , رجلاه فى الارض ورأسه فى السماء , كأقبح ماأنت راء من الصور تحت كل شعره فى جسده لهيب نار , فقال له : والله لو لم يلق الكافر والفاجر سوى نظرة الى شخصك لكفاه )
وهذا كما ورد فى حديث البراءبن عازب المشهور , وفيه :
(وتنزل الملائكه من الجنه بيض الوجوه , كأنهم الشمس , معهم أكفان من اكفان الجنه . وحنوط من حنوطها , فيجلسون منه مد البصر, فإذا قبضها الملك لم يدعها فى يده طرفة عين )
وهذا فى قبض روح المؤمن , اما فى قبض روح الفاجر يقول :
( تنزل ملائكة سود , معهم مسوح من نار , فإذا قبضها الملك قاموا يدعوها فى يده طرفة عين ) هذا جزء من حديث الامام احمد .
من الذى يقبض الروح ؟
يقول تعالى :
( اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ) 42 الزمر
( وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ ) 50 الانفال
( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴿٦١﴾ الانعام
( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) 11 السجده .
لعل سائل يسأل : كيف يمكن جمع مثل هذه الآيات وأشباهها ؟
فى هذه الحاله اعلم ان الفاعل الحقيقى لكل شئ فى الكون كله - منظور وغير منظور - هو الله سبحانه وتعالى , فهو الخالق والمحى والمميت .
( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) 2 الملك
وفى حديث حذيفه :
( ان الله تعالى يصنع كل صانع صنعته )
فالله - سبحانه وتعالى - هو الملك يأمر يأمر الملك المؤكل بالموت واعوانه ان يقبضوا الارواح بأمره وبقدرته , روى جعفربن محمد عن ابيه قال :
نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى ملك الموت عن رجل من الانصار, فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم :
( ارفق بصاحبى فإنه مؤمن , فقال ملك الموت - يا محمد طب نفسا , وفر عينا , فإنى بكل مؤمن رفيق , واعلم انه ما من اهل بيت مدر ولا شعر فى بر ولا بحر , إلا وانا اتصفحهم فى كل يوم خمس مرات , حتى لأنا اعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم لأنفسهم , والله يا محمد لو انى اردت ان اقبض روح بعوضه ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها ) ذكره القرطبى
واما عن الملائكه الآخرين فهم اعوان ملك الموت , يخرجون الروح من اجزاء الجسم , وبقيضها ملك الموت , وهنا آخرون يصعدون بها لترى مكانها الذى اعده الله لها , إما فى عليين ونسأل الله ان نكون جميعنا منهم . او فى سجين , كما جاء فى حديث البراء وغيره , وكما سيأتى بعد ذلك .
كيف يتم تلقين المحتضرلا اله الا الله وما يطلب للمحتضر
هذا ما سوف نتعرف عليه فى الحلقه القادمه
ابوبكر
موضوع: الدار الآخره ( 16 ) 
الأحد يونيو 13, 2010 10:58 am
